الجمعة 31/أكتوبر/2025

إخفاق جماعي وأمل يتجدد في الهلال

إخفاق جماعي وأمل يتجدد في الهلال

راي رياضي
إبراهيم عوض

خروج ثلاثة فرق سودانية من البطولات الإفريقية في مرحلةٍ مبكرة لا يمكن النظر إليه كحدثٍ عابر، بل كجرس إنذارٍ مدوٍّ لحال الكرة السودانية التي تعاني من ضعف الإعداد وتداعيات الحرب التي عطّلت النشاط الرياضي وأربكت واقع الأندية واللاعبين.
فقد ودّع الأهلي مدني والزمالة أم روابة مسابقة كأس الكونفدرالية الإفريقية من الدور التمهيدي، قبل أن يلحق بهما المريخ أمس بخروجه المؤلم من دوري أبطال إفريقيا عقب تعادله السلبي مع سانت لوبوبو الكونغولي في بنغازي، بعد خسارته ذهابًا بهدف دون مقابل.
ولم يكن الإخفاق فنيًا فقط، بل هو نتيجة طبيعية لظروفٍ استثنائية تمر بها البلاد. فالحرب الدائرة تسببت في عدم انتظام الدوري السوداني وتوقف النشاط لفترات طويلة، مما أثّر على لياقة اللاعبين واستعداداتهم، وجعل معظم الأندية تخوض البطولات الإفريقية دون إعداد كافٍ أو مباريات تنافسية حقيقية.
أما الهلال والمريخ فاضطرا إلى اللعب خارج البلاد في تنزانيا وليبيا على التوالي، بعيدًا عن جماهيرهما وظروفهما الطبيعية، بينما تعاني بقية الفرق الأمرّين بين شحّ الموارد، وصعوبة التنقل، وغياب البنية التحتية التي دمرتها الحرب.
ورغم هذا المشهد القاتم، يبقى الهلال الأمل الأخير، بعد أن نجح في تجاوز عقبة الجاموس الجنوب سوداني بالتعادل ذهابًا والفوز إيابًا بهدفٍ نظيف، ليواصل مشواره في البطولة ممثلًا وحيدًا للكرة السودانية.
الهلال اليوم لا يمثل نفسه فقط، بل يحمل راية الوطن في زمنٍ تتراجع فيه الرياضة كما تتراجع الحياة.
لقد آن الأوان لأن تدرك إدارات الأندية أن المنافسة القارية لا تُكسب بالعاطفة، بل بالتخطيط والاحترافية، فبدون استقرارٍ رياضي وبيئة آمنة، ستظل الكرة السودانية تكرر ذات المشهد المؤلم كل موسم.
 
 

 

اليوم الذي استعدت فيه سمع أبي
******
الزبير نايل
كثيرا ما تدفعني الرغبة في الهروب من ضجيج الحياة إلى الأسواق الشعبية القديمة التي تشعرك بأن الزمن هناك يسير على مهل.. فيها أجد ما يعدل مزاجي الذي تعكره تدفقات الأخبار ، واتنسم هواءً من الماضي ينعش قلبي ويعيد إلي بساطة تلك الأيام.
ولأن هذه الأماكن تشبه الأوطان الصغيرة، أتنقل بين أزقتها ومحالها، أمعن النظر في وجوه الباعة وأصغي إلى مفاصلاتهم اللطيفة..
اليوم ساقني الحنين إلى سوق "واقف" أحد أقدم وأشهر أسواق الدوحة وسجلها المفتوح على ذاكراتها.. فيه تتجاور الأصالة والحداثة في تناغم محبب.. مبان تقليدية وأزقة تفوح منها رائحة التوابل والبخور وبضائع مرصوصة على رفوف خشبية كأنها تحكي تاريخا ضاربا في القدم. وهناك في الساحات أسراب حمام تحلق على مهل وتلتقط رزقها من أكف المتسوقين وهديلها يملأ المكان بأنغام السلام.
أثناء تجوالي.. استوقفني محل صغير.. دخلت بدافع الفضول فإذا بي أفاجأ بأرفف خشبية مزدحمة بمقتنيات قديمة، لكن شيئا واحدا شد بصري وأيقظ عندي ذكريات رابضة في  وجداني..
راديو ناشونال باناسونيك بغلافه الجلدي البني.. امتدت يدي إليه وكأنها تمتد إلى ماض بعيد.
أمسكت به وجلست في زاوية المحل.. قلبته برفق يشبه لمسة على كتف صديق باعدت بيننا السنين.
ثم أدرت المؤشر فإذا بي أسمع صدى الزمن يعود حيا:
دقات ساعة "هنا أم درمان" وشعار النشرة.. وصوت المقرئ الشيخ صديق أحمد حمدون،
ثم عمر الجزلي في "أوتار الليل" والرشيد بدوي عبيد يلهب مشاعر عشاق الهلال والمريخ،
وصوت “ود البصير” ورفاقه في حكاياتهم المرحة.
في تلك اللحظة، لم أكن في سوق واقف…كنت في بيتنا القديم، إلى جوار أبي على قبره شآبيب الرحمة  أتابع معه وأتذوق دفء الجلسة، وطمأنينة ذاك الزمان ..
سألت البائع عن سعر هذا الراديو.. قال "مائة وخمسون ريالا"..  ودون مفاصلة دفعت المبلغ وسط دهشته..
خرجت من السوق أشعر بنشوة .. كنت أسير بخفة وكأنني استعدت جزءا من ذاتي.. وهتفت من داخلي :
اليوم استعدت "سمع أبي"

0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار