 
            
أحمد حسن حيمورة
توارد الخواطر هو ظاهرة تحدث عندما يتوافق شخصان أو أكثر في الوصول إلى نفس الفكرة أو في تماثل الشعور في نفس الوقت، دون وجود تواصل مباشر أو مادي بينهم.
وفي الكتابة الأدبية يمثل التناص أيضاً مفهوماً نقدياً يشير إلى العلاقة بين نص ونص آخر حينما يتداخلا لتشكيل نفس المعنى والغرض المراد من النص.
وربما كانت مشاركة الوجع تحديداً هي ما يجعل أكثر من شخص يخرج دواخله كتابةً، ويعبر عن مراد الآخرين في مقال صحفي أو لقاء عبر وسائل الإعلام.
مناسبة هذه الرمية – كما يقول الكاتب الصحفي عبد اللطيف البوني، له التحية – أنني دبجت مقالاً غاضباً عن راهن كرة القدم عندنا، لكنني اكتشفت أن ما كتبته يشبه في مضمونه – وإن قصر في بلاغته – بعضاً مما كتبه الإعلامي الكبير، الصديق حافظ خوجلي في عدد الأحد الماضي، والذي لخّص حاضرنا الكروي بحنكة بلاغية مصقولة بخبرته الاحترافية وأسلوبه الجاذب.
ففي عشرة أسطر شافية، هي جزء من المقال، عبّر عن ما يعتمل في نفسي وربما نفوس الكثيرين.
تحدث في مقاله عن تلك الدوامة الكروية الأبدية، المتمثلة في فرح البدايات عند الفوز والتصدر، والمغالطات عندما يحدث المتوقع من الفشل، ثم ما يتبع ذلك من الإقالات للأجهزة الفنية، والاستغناء عن ما يسمى بالمحترفين، لتبدأ الترشيحات (لقوائم المؤرشفين الأجانب المستغنى عنهم) – والجملة الأخيرة من عندي –. وتطرق لتلك الدولارات المهدرة، ولجرد الحساب الذي محصلته في النهاية لا تساوي سنتات قليلة. ثم ختم مقاله بحكمة تستحق أن تؤطر وتعلق في مكاتب المسؤولين، مؤداها أننا: (ما دمنا نصرف على الفشل فلسنا في حاجة للنجاح). وصدق حين أردف بحقيقة أننا أصبحنا نمثل حال الحاضر الغائب في البطولات الأفريقية، ومن يخرج مبكراً ينتظر في شوق شديد أن يلحق به من لم يرافقه.
توارد الخواطر هذا سببه أن ما يغلب على حالنا يتراوح بين الغضب والملل وربما اليأس من المآلات المتكررة لواقعنا الكروي المتردي. لكن ما لم يذكره الضليع حافظ هو أن للرياضة ارتباطاً وثيقاً بازدهار الدولة عبر أبعاد متعددة؛ حين تُرسَم السياسات وتُحدَّد الرؤى وتُسخَّر الأنشطة لتعزيز النجاحات العامة وتقليل تكاليف الفشل، وتحقيق الرفاهية الصحية والنفسية والاجتماعية للمواطنين على المدى البعيد والقريب. وحينها فقط سوف تساهم في بناء هوية وطنية قوية ووحدة مجتمعية متماسكة، وعقيدة انتمائية راسخة، تصبح أداة فعّالة عند منازلة الفرق، وأيضاً عند الكوارث والمحن، وحتى في الحلول السياسية وأحياناً الدبلوماسية. وفي التاريخ كثير من الأمثلة، أبرزها ما تم بين أكبر الدول إبان الحرب الباردة وما بعدها.
لكن السؤال يبقى: ما الذي ننتظره في بلد وَسَم كبار مفكريه نُخَبه بالفشل، وتعاقبت عليه حكومات لم تكن الرياضة من أولوياتها، واعتلى سدة الرئاسة في اتحاداتها الرياضية من لم يُسجَّل لهم إنجاز يذكر يبرر بقاءهم على تلك السدة؟
إن حساب الربح والخسارة المعنوية قبل المادية في محصلته الأخيرة، والتقييم العلمي المجرّد، والنخوة الوطنية، هو ما يجب أن يكون محكاً لاختيار الصالح والطالح لتبوؤ مناصب وأمانات الاتحادات وترؤس إدارات الأندية، وليس الخبرة في خوض غمار المعارك الانتخابية وإقصاء الآخرين، ولا مقدار ما يملكه البعض من أموال أصبحت هي المؤهل الأوحد للحصول على مناصب رؤساء الأندية.
أكتب هذا المقال وأنا في انتظار أن أُسقِط ما قيل أعلاه على نتيجة مباراة الهلال العريق والجاموس الجنوب سوداني، والتي انتهت بتعادل سلبي غير محمود من قِبَل ذوي النوايا الحسنة.
التحية للإعلامي الرقم حافظ خوجلي، متعه الله بالصحة والعافية.
https://3ctionsport.com
0 التعليقات:
أضف تعليقك