 
            شهادة حق
حافظ خوجلي
ثلاثة أندية سودانية غادرت من ضربة البداية ساحة التنافس الإفريقي، ولا جديد في ذلك بعد أن تعوّدنا على تكرار المسلسل كل عام، والبركة في الهلال الذي ظل يحفظ موقع الكرة السودانية من خلال الترقي من مرحلة لأخرى من مراحل البطولة، وإن لم يُوفق في إحرازها، تبقى الاستمرارية فيها تحفظ توازن كورتنا عند الحديث عن مسار البطولة.
خروج ثلاثة أندية مؤلم والله، حتى لو تعددت الأسباب في ذلك، بل يضع المغادرين في درجة أدنى عند التصنيف، وهو أمر يجب الانتباه له عند كل مشاركة، إمّا الإعداد الجاد لها أو الاعتذار عنها بدلًا من الخروج المبكر الذي يعني الانتهاء عندما ينطلق الآخرون، ليعود المغادرون جالسين في مقاعد المتفرجين. ويا ليت نحسن المشاهدة حتى لا نكرر قديمًا يُعاد دون جديد يُذكر.
التنافس الداخلي لا يُغني عن الطموحات الخارجية التي يجب أن ننظر إليها دون مغالطات، وتبقى الحقيقة التي لا تُحجب بنظرة انتمائية أو عصبية في غير محلها، بأن نحفظ للهلال حقه، وهو الآن يمثل الكرة السودانية في بطولة كبار القارة الإفريقية، والواجب دعمه دون التقليل من استمراريته أو الانتظار للحاق بمن سبقه بالخروج من نقطة البداية حتى يتساوى الجميع في الفشل الذي يخصم من تاريخ الكرة السودانية، ونحن من نفاخر بتأسيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، ولكننا توقفنا في مربع الجهوية والعصبية والانتمائية، وغيرنا تقدّم وحجز مقعده في خارطة البطولات الإفريقية.
في سابق السنوات، كان يتم تشكيل لجنة عليا تضم كبار أهل الشأن الرياضي، وحتى في عهد مجلس ماهل أبو جنة كان التنسيق في كيفية مواجهة التنافس الإفريقي، ولهذا ظلت القمة حضورًا بما يشرف الكرة السودانية، واليوم اختلف الحال وصاحب العقل يميز.
كل التوفيق للهلال في قادم الأبطال، وفيه يمثل الكرة السودانية ما دام تقدمه يصبح مقرونًا باسم السودان.
شهادة أخيرة
متى ما تعاملنا مع الرياضة بمفهومها والمعنى الصحيح سنعيدها سيرتها الأولى.
المريخ والهلال أكبر حزبين، ولكن للأسف لم يسلما من الانقسامات التي سيطرت على الساحة الرياضية مؤخرًا.
عندي قناعة بأن كل من غادر ساحة العمل الرياضي من أهل الخبرات تركوا الباب مفتوحًا، وكان الدخول بالجملة لمن لا علاقة لهم بالأمر.
هل من الممكن أن نشهد بوادر اجتماع مشترك للقمة لإزالة كل الترسبات السالبة التي طفحت مؤخرًا؟
قلناها تكرارًا: على المريخ أن يحمي نفسه من فساد البطولات الإفريقية... ولكن من يسمع؟
المريخ أصبح الضحية وهم الشهود.
ولكن ماذا قال أبو جريشة... هذا ما سنعود له.
اللهم نسألك الرحمة والمغفرة لزعيم أمة المريخ ود اليس، وأن تجعل الجنة مثواه.
بين الناس
أكرم الحلاوي
خيانة الأمانة.. بين ميزان الشرع وحكم القانون
تقوم المجتمعات على الثقة المتبادلة بين أفرادها وهذه الثقة لا يمكن أن تُبنى إلا على أساس متين هو الأمانة، فإذا التزم الناس بها استقرت حياتهم واطمأنت نفوسهم، أما إذا غابت تلاشت الثقة واضطربت المعاملات وانهارت القيم، ومن هنا كانت خيانة الأمانة من أخطر ما يهدد الأفراد والجماعات، فالأمانة ليست قاصرة على حفظ المال وحده، بل هي خُلُق عظيم يشمل جميع جوانب الحياة: فهي في الكلمة، وفي العمل، وفي المسؤولية، وفي حفظ الأسرار والعهود، كما هي في الأموال والحقوق، وإذا غابت الأمانة سقطت الثقة وانهارت القيم التي يقوم عليها المجتمع.
من الجانب الديني:
جعل الإسلام الأمانة مقياساً للإيمان والصدق والوفاء قال تعالى: " وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ" والأمانة في جوهرها لا تقتصر على المال فقط، بل تشمل الوفاء بالعهود، وحفظ الأسرار، وأداء الحقوق، وعلى سبيل المثال لا الحصر: قد تكون في مسؤولية يتولاها موظف، أو في كلمة يلتزم بها إنسان، أو في شراكة عمل بين شخصين أو أكثر، فالتفريط فيها يفسد الثقة ويزرع الشك بدل الطمأنينة.
وقال رسول الله ﷺ:" آيةُ المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان" وهذا الحديث يبين أن خيانة الأمانة ليست مجرد معصية، بل علامة على النفاق العملي، وخطر يهدد صفاء الإيمان وصلاح القلب.
ومن الجانب القانوني:
خيانة الأمانة تُعد جريمة تختلف عن السرقة، فهي تقوم على خيانة الثقة وإساءة استعمالها لا على أخذ المال في الخفاء، وتشمل صور متعددة، وعلى سبيل المثال: الاستيلاء على الأموال بغير وجه حق، أو التلاعب بالمسؤوليات، أو إفشاء الأسرار، وقد شدد القانون على معاقبة مرتكبها بالسجن أو الغرامة أو بهما معاً، حمايةً للحقوق وصوناً للثقة واستقرار المعاملات.
نصيحة :
الأمانة ليست عبئا، بل شرف يرفع قدر الإنسان ويزرع له المحبة في القلوب، فمن عاش أميناً عاش مطمئن النفس، ومن خان خسر الثقة؛ فالمال يزول، والمناصب تفنى، لكن السمعة لا تُشترى ولا تُعوض.
ختاماً:
خيانة الأمانة ليست مجرد ضعف خُلقي، بل هي في حقيقتها جريمة دينية وقانونية، فهي تهدم القيم، وتُسقط الثقة، وتُعرض صاحبها للمساءلة في الدنيا قبل الآخرة، ومن ضيعها فقد ضيع دنياه وآخرته.
0 التعليقات:
أضف تعليقك