الجمعة 31/أكتوبر/2025

الجاموس.. مباراة بقيمة موسم كامل

الجاموس.. مباراة بقيمة موسم كامل

طق خاااص

خالد ماسا

 

ولعلّه من الأضرار الجسيمة لفترة التسجيلات الصيفية في الهلال أن الغالبية يرسمون خارطة توقّعاتهم بناءً على بضاعة تُباع على صفحات الصحف ومنصّات تفاعلية، دون أي قراءات موضوعية تُعطي المدرب واللاعب حجمهما الطبيعي ومستواهما الذي يختلف متى ما دخلا إلى الميدان.

اليوم نعتقد أن لاعبي الهلال ومن قبلهم المدرب ريجيكامب يدخلون لقاء الإياب أمام الجاموس الجنوب سوداني متأثرين بهذه الأضرار التي وضعتهم في مقام من يحقّق كل الأحلام المطلوبة، وما حدث في نهائي سيكافا كان هو العرض الأول لآثار ما بعد التسجيلات والعروض السينمائية على صفحات الصحف، والتي لم يقف عندها الغالبية موقف العقل والمنطق والورقة والقلم، والسؤال عن: لماذا لم يكسب الهلال سيجيندا التنزاني في نهائي كأس سيكافا؟

والإجابة على هذا السؤال بوضوح وبدون فلسفة أو "اللّف والدوران" مبكرًا، كان من الممكن أن تساعد الهلال في لقاء الذهاب أمام الجاموس في عاصمة دولة الجنوب جوبا، لولا أن البعض كان مصرًّا على إلحاق الضرر بالهلال والتعامل مع ما حدث وفقًا لما وثّقه إبراهيم العبادي في ملحمة ود دكين وريا: "البقول راسو موجوعو بيربطولو كراعو". فكان ربط "الكراع" هو أن أمل المشاركة في سيكافا كان للإعداد فقط ولا شيء غيره، ليتفاجأ الكل بأن الشعب الهلالي كان عشمه كبيرًا في التتويج بكأس البطولة.

ما حدث في مباراة الجاموس الأولى هناك اتفاق بأنه لم يعد "بندول" الإعداد والانسجام كافيًا لإزالة "وجع الرأس"، وأن مباراة اليوم هي عبارة عن عملية "قلب مفتوح" لا مجال فيها لأي خطأ في التقديرات من الإدارة أو اللاعبين أو الجهاز الفني.

"هول" الحقيقة التي يجب ألا تغيب عن العاقل الهلالي هو أنه، وبغض النظر عن خصمنا الجاموس والسنين الضوئية التي تفصله عن تاريخ الهلال، إلا أن المواجهة معه اليوم "مصيرية" بالنسبة للهلال بمعنى الكلمة، ويتوقف على نتيجتها الموسم بأكمله للجمهور واللاعبين والجهاز الفني وبالضرورة لمجلس الإدارة. فإمّا أن تُفتح صفحة ويُكتب سطر جديد، وإمّا تُرفع الأقلام وتجف الصحف.

ضاع من أهل الهلال وقت كثير في مغالطات "فارغة" من نوعية المقارنة بين فلوران وريجيكامب أو التباكي على عبد المهيمن و"أم ضبيبينة" بقاء خالد بخيت أو ذهابه، وكلها أشياء لن تلعب مع الهلال اليوم للأسف الشديد، بل سيلعب الهلال مباراة باتجاه واحد هو تحقيق الانتصار وإعادة الأمور الهلالية إلى نصابها الصحيح، وليبقى الهلال هلالًا في سمائه، والجاموس إلى وضعه الطبيعي.

وفي مثل هذه الظروف المحيطة بلقاء الجاموس اليوم، يحتاج لاعبو الهلال إلى صاحب "كاريزما"؛ لاعب كان أو إداري أو حتى المدرب، ليخاطبهم بلغة الواقع البعيدة عن لغة "الطبّالين"، وليقول لهم إن هذه المباراة هي مفتاح هذا الموسم وإمّا أن نكون أو لا نكون.

إدمان التمرّغ في تراب الإداريين سيقود البعض إلى عدم الاستفادة من مطب الدور التمهيدي، وربما جعلوا من تجاوز الجاموس في هذا الدور وكأنه فعل أسطوري يُنسب إلى "بابا المجال"، بينما نحن محتاجون إلى خطوات تنظيم في كل شيء، لأن "الغريق" لا زال أمامنا في بطولة الأبطال.

بعد لقاء الجاموس نحن محتاجون إلى مواجهات ساخنة، وإلى أن نرفع أصبعنا "السبابة" في وجه "التخين" ونكُج العين قائلين إن الحال مائل في الهلال فنيًا وإداريًا، وأن تخطي الأدوار التمهيدية وهزيمة الجاموس أمر لا يستحق "التنطيط" الصحفي والإعلامي، وأن الحبر الذي ننفقه في الكيد و"التريقة" على نتائج المريخ أولى أن نستر به العورات الفنية والإدارية في الهلال، ومن الأولى أن ننشر الوعي بدلًا من صناعة مشجعين "مراهقين" مُصرّين على أن يظلوا محبوسين في العصور الوسطى للتشجيع.

نكسب لقاء اليوم ثم نعاود قراءتنا في الأوزان الزائدة في الهلال، ومن يستحق ارتداء الشعار، ومن الذي أخذ فرصته كاملة للتقييم. ويجب أن يعلم الروماني ريجيكامب أن بطاقة الصعود اليوم لا تمنحه صك البراءة الكاملة، وأنه مدرب تحت الاختبار ومسؤول عن نتائج الفريق.

ولو لمرة واحدة علينا أن نتعلم من كبواتنا وأن نستفيد من المطبات التي ندخل فيها، وأن تصل رسائلنا لمجلس الإدارة الذي ينام الآن على عسل وسادة عدم وجود بدائل جاهزة لإدارة الهلال.

يمتلك الهلال اليوم كل أدوات الانتصار لتجاوز جاموس جوبا، والرد على كل من ينتظر إفساد الموسم الأزرق منذ بدايته، والهلال بشكله الحالي قادر على تجاوز محطة صغيرة ظلّت عقدة لآخرين في بطولة الأبطال.

 

 

أهداف ملعوبة

عبدالمنعم محمد سيدأحمد

الهلال.. أنت ممن أفسحوا للحسن في الدنيا نطاقًا

واليوم يتجدد لقاء الأشقاء، لا أقول على صفيح ساخن وإنما على نجيل أخضر

وإن كان لا بد من سخونة تصحب اللقاء، فهي سخونة التوابل والبهار من جزر زنجبار، التي تزيده مذاقًا وطعمًا ووسامًا.
وحلاوة الطعم ومذاق الشهد ووسامة المشهد والحضور من لوازم الهلال وملامحه.

إنه الهلال الذي يدير كؤوس المدام والراح ولحظات الراحة على عشاقه صفوًا ومدامًا
وكأنه المعني بكلمات شاعرنا الجميل الراحل محمد عثمان عبد الرحيم حين قال:

أدر الكأس على العشاق صفوًا ومدامًا
يا حبيب القلب والروح ويا روح الندامى

أيها الرافل في ثوب من الحسن دواما
ماست الأغصان لما عشقت منك القواما

تتحدى البان ميلًا واعتدالًا وانقسامًا
وتفوق البدر حسنًا وضياءً وابتسامة

إن طعم الحب كالصبر وفي الحب حداقه
غير أني يا حبيب القلب أستحلي المذاقا

أنت ممن أفسحوا للحسن في الدنيا نطاقًا
خلقوا شتى البشاشات وأنواع الطلاقة

نعم، هو الهلال: أغنية المواسم وترتيبات المراسم عند عشاقه،
هو السامر في مواسم الحصاد
والحادي والشادي في ليالي الأفراح
هو دليل الساري في وحشة الليل
ومؤنس الساهر في عتمة الظلمة
هو الهلال بشارة العيد وفرح الأطفال
ومُلهب أشواق الحجيج إذا ما نادى المنادي.

الهلال، بكل هذا الجمال والبهاء الذي يسكن أعيننا وقلوبنا، يخوض اليوم بكل أشواقنا فاصلة التحدي نحو بلوغ المجد الإفريقي الذي هرمنا في انتظاره، وعبثت بأجسادنا العلل ونحن نترقب لحظته.
يبتعد عنا بحسابات المسافة والجغرافيا، لكنه يظل في قلوبنا؛ تسبقه إليه الأشواق قبل الأحداق أينما حل أو ارتحل.

وتأتي موقعة الجاموس اليوم لتأكيد الجدارة وكتابة سطر جديد في سجل العظمة.
يخوض أبطال الهلال لقاء اليوم بدوافع عظيمة، أولها ذلك التعادل الذي جرح به الجاموس كبرياء الأسد المهيج.
ذلك التعادل الذي قذف بقفازه الجاموس الشقيق دون أن يدري عِظَم التحدي وما سيترتب عليه من حساب.

لقد ارتقى الجاموس أصعب المراقي وهو يفرض التعادل على أرضه، التي هي أرضنا أيضًا.
وها هو اللقاء يجمعنا اليوم في دار غربة ونزوح – وآهٍ وآه من مفردة النزوح هذه –.

وعلى الأبطال اليوم مراجعة اللقاء السابق، واستلهام الدروس والعِبر منه، واستلام الجاموس من بعد استسلامه، وإعادته إلى ورش الإصلاح والتعديل في جوبا الجميلة، حتى نجده في العام القادم – بإذن الله – بطلًا يطفئ ضوء النجيمات الحمراء المريضة.

وحتى ذلك اليوم، أسأل الله أن يخلِّص كرتنا من براثن هذا الاتحاد الذي عام في الفشل حتى غرق، وقضى على أخضرها ويابسها أو كاد.

0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار