الجمعة 31/أكتوبر/2025

الرحم نبض القلوب… فلا تقطعوه

الرحم نبض القلوب… فلا تقطعوه

بين الناس
أكرم الحلاوي

الأسرة هي الحصن الأول للإنسان، والرحم هو الرابط الذي يشدّ أفرادها بعضهم ببعض. وفي وقتٍ تزداد فيه ضغوط الحياة وتكثر فيه الخلافات الصغيرة، نرى للأسف من يختار طريق القطيعة، فيبتعد عن أهله وإخوانه، ظنًّا منه أن ذلك يريحه أو يحفظ كرامته؛ لكن الحقيقة أن هذا القرار لا يزيده إلا وحدةً وحرمانًا؛ فالرحم هو السند وقت الشدّة، والفرح وقت السرور، وإذا انقطع ضعفت الروابط وتلاشى دفء القلوب.
صلةُ الرحم من القيم التي جعلها الإسلام أساسًا لبقاء المجتمع متماسكًا ومترابطًا. قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}، فجعل القطيعة نوعًا من الفساد في الأرض، لأنّها تُفكّك الأسر وتزرع البغضاء. وقال رسول الله ﷺ: «لا يدخل الجنة قاطعُ رحمٍ»، حديثٌ قصيرٌ وبليغٌ يوضح أن قطيعة الرحم ليست أمرًا هيّنًا، بل تحرم صاحبها من أعظم نعيم.
من جانبٍ أخلاقيٍّ: فإن القطيعة تُقسّي القلوب وتزرع الجفاء؛ فالأخ الذي يهجر أخاه، أو الابن الذي يتجاهل والديه وأعمامه وأخواله، سرعان ما يجد نفسه وحيدًا وقت الحاجة، بينما الكلمة الطيبة أو الاعتذار الصادق كفيلان بطيِّ صفحة الخلاف، والأسرة التي تقوم على التسامح والتقدير تبقى متماسكة مهما اختلفت الظروف.
ومن جانبٍ قانونيٍّ: فإن التشريعات لا تُجرِّم القطيعة صراحةً، إلا أنها أولت الأسرة مكانةً خاصة، فأوجبت النفقة، ورعاية الوالدين، وحماية كبار السن، واعتبرت الإهمال أو التعدّي خرقًا للقانون؛ وهذا يُبيّن أن المشرّع أدرك أن التماسك الأسري ليس مجرد قيمة معنوية، بل ضرورة لحماية المجتمع من التفكك.
نصيحة:
اربِط قلبك برحمك قبل أن ينقطع الحبل إلى الأبد؛ فخطوة بسيطة منك كزيارةٍ أو مكالمة قد تُعيد المحبة وتفتح لك بركة العمر والرزق. فلا تؤجّل صلة الرحم، فالغد قد لا يُدرَك.
ختامًا:
الرحم هو نبض القلوب، فإذا انقطع ماتت الرحمة وتبددت المودّة وضاع السند. فلنحفظ هذا النبض حيًّا بالوصل والبر، ولنجعل من صلة الرحم قوةً تُدفئ حياتنا وتُبقيها عامرةً بالحب والسكينة.
akram.alhlawy@gmail.com

0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار