الجمعة 31/أكتوبر/2025
العميد .....2

نبض الكلمة

رندة المعتصم اوشي

 

في الشمال الافريقي، في " الكفرة"

وسواها كان الجنود السودانيون يقاتلون مع جبهة "الحلفاء"، يمكثون

ازمانا طويلة؛ وفي الجبهة الشرقية

كان " الطليان" يحكمون سيطرتهم

على الهضبة الحبشية، يرمون الى

التوغل غربا٠

دفع الانجليز بقوات سودانية ترياقا

لهذا التخطيط٠

رشح بعض كبار الفنانين للسفر الى

كلا الجبهتين٠

احمد المصطفى وثلة من الفنانين

والعازفين انتخبوا للجبهة الشمالية

في ليبيا ٠

كانت سانحة للترفيه عن الجنود

في ثكناتهم ، غير ان الرحلة الكبيرة

اتاحت وقتا لتجريب غنائي وشعري

وموسيقي، كان احمد المصطفي ينتقي اغنيات كبار الفنانين، تراه

يشدو باغنية الكاشف الحلوة:

" انا ما بقطف زهورك"

ثم يصدح بحسناء اغنيات حسن

عطية:

"حاول يخفي نفسو"

تصيبك بعض دهشة وانت تسمع العميد يشدو بنغمات مبتكرة جياشة بالعاطفة ، ليل الصحراء يغري بمزيد

من رشفات كمنقوع الشهد٠

يطول الليل ، تتسع دوائر النشوة والابداع ، الحاج محمد احمد سرور،

قريب لقلب العميد، يرفع سرور عقيرته ، يثب الصوت في منازل الفضاء ، ولصوت سرور نقاء، وبه

صفاء ، يطلق اعنة الدوبيت:

" الغيم استعار  براقو من نسامو"

يسري النغم ، تغشى العميد نوبة

فرح غامر ، تبدا اوتار العود ، ترسل

نقرات شجية وسرور يغمض عينيه

يبلغ ذروة " السلطنة" تنتقل حمياها

للحضور والليل يصغي٠

الصاغ محمود ابوبكر صاحب" اكواب بابل بالسنة البلابل" ، كثير

من لطائف الاشعار  كتبت في هذه

الامكنة، " صه ياكنار"، " زاهي في خدرو" ، ايه يامولاي ايه"،

تغني العميد ب " زاهي في خدرو"

وهي رسالة وداع باكية لحبيب قضت الاقدار بغيابه،

احمد المصطفى صمم لحنا فيه كثير

لوعة وصبابة ، كان تعبيرا دقيقا عن

مناخ تلكم اللحظات الصعبة العسيرة٠

"قالو ليهو القطر تقدم

كفرة نيرانا زي جهنم"

ثم عاد احمد المصطفى لوطنه.

عاد يصطاف في حدائق الاشعار،

تغنى برائعة محمد عوض الكريم

القرشي:

" يللاك ياعصفور نغني ليهو

انا لي حبيب مغرم وبغير عليهو"

كتبها القرشي من وحي" البان جديد"، ربما من حدائق النيلين،

اغنية تضج بالفرح ، دعوة للعصفور ،للغناء، يغنيان معا لحبيب

"مغرم "ثم يتبع هذا اللحن السعيد

اغنية تسير في ذات النسق :

"ما احلى ساعات القاء

في الشاطئ عند الملتقى"

كتبها ابو المسرح خالد ابو الروس٠

علها كانت اوقات سعد وهناء والفرح يفيض على روح الشاعر،

احمد المصطفى استجاب لروح

الفرح هذي ، صمم لحنا لمس،

جسد روح الشاعر وعاطفته٠

غير ان تجربة الغناء لا تمضي على

نسق واحد ، فليس المسار كله افراح

تتلاحق ، وهناك غصة وبعض احزان

مقدرة، " :

"فيك يا مصر اسباب اذايا

في السودان همي وعزايا

صرت مسلم لي رزايا

زي طاير مكسور جناح"

وهذه بكائية فاجعة، حسن عوض

ابو العلا، وتجربة ماساة احالت اشراق روحه اظلاما، اسكنته وجعا

واحزانا ، ما شهد الغناء السوداني

بوحا قاسيا ممضا كهذا، كل مفردة

تفضي الى دلالة الاسى، " طاير

مكسور جناح" ، تاويه، استسلام

ولوذ لصدر الوطن عل بعض سلوى

، بعض عزاء يحل بالروح المعذب:

" فيك يا مصر اسباب اذايا

في السودان همي وعزايا"

واحمد المصطفى صديق، قريب

للشاعر ، ولكم غنيا ، سمرا معا،

احمد المصطفى استوعب النص،

كلمة بعد اخرى، رسم دوائر على

موطن الاسى، لكن، كلها كانت

دوائر متصلة من الاسى، عكف على ترتيب اللحن الحزين ، اخرج الينا

لوحة جميلة، غير انها حزينة، مبكية

حزن لم تشهده ساحات الغناء من

قبل٠

 

 

0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار