الجمعة 31/أكتوبر/2025

الهلال والمشاركة في الدوري الرواندي بين الفوائد والعقبات

الهلال والمشاركة في الدوري الرواندي بين الفوائد والعقبات
هلال وظلال
عبد المنعم هلال
 
من الواضح أن الهلال ما داير يتوقف، ما داير يتجمّد، ولا يكون متفرجًا على نفسه.. الحرب خلت الكرة السودانية في حالة موت سريري، والملاعب بقت أطلال، والدوري توقف، واللاعبون ضاعوا بين نزوح ولجوء وسفر.
لكن الهلال كعادته ما استسلم، قرر يواصل النبض ولو بعيد عن الوطن، وها هو يطرق أبواب الدوري الرواندي كحلٍّ مؤقت يحفظ للكيان نبضه، وللشعار بريقه، وللاعبين جاهزيتهم.
الاتحاد الرواندي وافق على مشاركة ثلاثة أندية سودانية (الهلال، المريخ، وأهلي ود مدني) في موسم 2025/2026 من الدوري الرواندي.
الخطوة دي جات بعد مشاورات طويلة واتصالات، والهدف منها ببساطة إنقاذ الموسم للأندية السودانية وضمان استمرار النشاط الكروي في ظل الحرب التي أوقفت كل شيء في السودان.
الهلال الآن في مفترق طرق، بين حماسة الجماهير التي ترى المشاركة فرصة ذهبية، وبين المتخوفين من التعقيدات والصعوبات والمعوقات التي ممكن ترافق التجربة.
هنالك فوائد ومكاسب بالجملة من المشاركة في الدوري الرواندي، منها استمرارية اللعب والمنافسة، وأهم حاجة في كرة القدم هي الرتم. اللاعب البقيف فترة طويلة من غير مباريات رسمية بيتحول جسمه وذهنه إلى سبات، والهلال بوجوده في دوري منتظم زي الدوري الرواندي بيحافظ على لياقة لاعبيه واستعدادهم، خصوصًا وهو داخل على مشاركات قارية مهمة.
يضمن الهلال جاهزية أفريقية كاملة، ولما تخوض دوريًّا مستمرًا بيكون عندك احتكاك وثقة وتجانس، وده كله بينعكس في الأداء القاري.
الهلال عايز يدخل دور المجموعات وهو في قمة فورمته، والدوري الرواندي ممكن يكون المعسكر الحقيقي الطويل الذي يساعد على تجهيز الفريق.
المشاركة في رواندا ممكن تفتح آفاقًا جديدة للهلال: كسب جمهور جديد كما حصل في موريتانيا، واستجلاب رعاة جدد، وتواجد إعلامي في شرق أفريقيا. الروانديون عندهم منظومة كروية منظمة ودورياتهم بدأت تلفت الأنظار، والهلال ممكن يكون واجهتهم العربية الأفريقية.
المسار يمكن أن يبعث رسالة إنسانية ومعنوية، فوجود الهلال في دوري خارجي رسالة للعالم أن السودان رغم الحرب لسه حي، وأن الرياضة ممكن تكون جسر تواصل وسلام. كأن الهلال بيقول : ما دام الوطن مريض، نحن بنمثل روحه.
لكن طبعًا ما كل زينٍ خالٍ من الشين، فهناك عقبات كبيرة: السفر والسكن والترحيل والإقامة الطويلة في بلد غريب، كلها مصاريف ضخمة، والبلد والهلال أصلًا في فترة مالية حرجة. كيف راح يغطي كل التكاليف دي بدون دعم واضح؟
كذلك التداخل الزمني: لو استأنف الدوري السوداني فجأة، الهلال حيكون بين نارين — يشارك هنا ولا هناك؟ وكيف يوفق بين الجداول؟ خصوصًا أن رواندا عندها مواعيدها الخاصة.
الضغط البدني والنفسي، وضغط السفر والمباريات المتواصلة ممكن يؤثر على اللاعبين.
الهلال ما أول مرة يفكر يلعب بره الحدود. التجربة الموريتانية كانت البداية لما قرر يخوض مباريات الدوري هناك في ظل توقف النشاط في السودان، وقدم مستويات راقية وحاز على اللقب الشرفي. أما في رواندا فالموضوع مختلف، الهلال داخل دوري رسمي معتمد من اتحاد وطني، والمنافسة فيه حقيقية على اللقب والنقاط.
الدوري الرواندي أكثر تنظيمًا وانضباطًا، والملاعب هناك جاهزة والبنية التحتية ممتازة. تجربة موريتانيا كانت ناجحة بكل المقاييس، وخرج منها الهلال بفوائد كثيرة، وتعلم كيف يتعامل مع بيئة جديدة ويحافظ على روح الفريق بعيدًا عن الديار.
تجربة المشاركة في الدوري الرواندي ستكون اختبارًا حقيقيًا للهلال كفريق وإدارة وقدرة على التأقلم وسط العواصف.
كيف يوفق الهلال بين الدوريين الرواندي والسوداني إذا تمكن الاتحاد العام من تنظيمه؟ دي معادلة صعبة لكنها غير مستحيلة، وممكن تشكيل قائمتين:
قائمة أساسية للدوري الرواندي وأخرى للدوري المحلي، الذي من المقرر أن ينطلق يوم 7 يناير 2026 حسب قرار الاتحاد العام، مع قدر من المرونة في التنقل وتبديل اللاعبين حسب الظروف.
يُفضَّل أن يكون للهلال مقر دائم في رواندا استعدادًا للمشاركات الأفريقية، لتقليل تكلفة السفر والسكن، وإنشاء بيئة تدريبية مستقرة.
كما يجب أن يكون هناك تفاهم رسمي مكتوب مع الاتحاد الرواندي حول إشراك اللاعبين الأجانب، وتوزيع العائدات، وجدولة المباريات، لتفادي أي فوضى.
ومن خلال إدارة مالية ذكية، ورعاة جدد في رواندا وشرق أفريقيا، وضبط ميزانية السفر والإقامة، الهلال ممكن يقلل الخسائر المالية.
الدعم النفسي والمعنوي للاعبين ضروري جدًا، لأنهم سيلعبون في ظروف غريبة وبعيدة، والدعم النفسي مهم للحفاظ على التركيز والعزيمة.
الهلال الآن بيلعب باسم الوطن كله، بيلعب للسودان الموجوع، للسودانيين المشتتين، وللأطفال البتفرجوا من بعيد ويقولوا : لسه في أمل.
الهلال ما مجرد نادٍ كروي، هو فكرة، هو عزيمة، هو رسالة حياة في زمن الموت.
لكن برضو لازم نكون واقعيين، ما بنقدر نعيش بره بلدنا للأبد، والملاعب مهما كانت جميلة ما بتعوض رائحة أم درمان ولا حماس المدرجات في الجوهرة الزرقاء.
فيا رب تكون تجربة المشاركة في الدوري الرواندي تجربة مؤقتة وناجحة، لحدي ما يرجع الوطن لأهله، والهلال لأرضه وجمهوره.

0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار