وبالأمس الأول، حقق الهلال ما تعوّد أن يُحققه لسبع سنواتٍ متتالياتٍ في بطولة الأبطال، والطبيعي جدًا أن يفرح الأنصار بهذا الصعود، فهو نتاج جهدٍ واجتهادٍ على الصعيدين الفني والإداري، ويستحق كل من بذل فيه العرق الشكر والامتنان.
ونحن هنا لا نرغب في أن نضع اللجام على فرس الأفراح، بقدر ما نود أن نلفت الانتباه إلى أن ما حدث صار عند الهلال في حكم العادة، حاله حال كل الأندية الكبيرة التي ظلّت تُشكّل حضورًا مستمرًا في أدوار الكبار.
ولا أعتقد أن أندية مثل ماميلودي صن داونز أو الأهلي أو الوداد أو الترجي أو بيراميدز تعتبر أن تخطي هذه الأدوار إنجازٌ يستحق "هيستيريا" الأفراح!
فهذا منطقي إن حدث عند جمهور البوليس الكيني أو الجاموس الجنوب سوداني، وغيرها من جماهير الأندية التي لم يُكتب اسمها في سجل الكبار.
تخطّينا هذا الدور، والوقت الآن للعمل، لأن التنافس الحقيقي سيبدأ في المجموعات، حيث يواجه الهلال تحديًا أمام أندية سجلها في هذه البطولة أفضل من الهلال، وطموحها متجاوزٌ لطموحات الأندية التي واجهناها، والتي لم تتعدَّ رغبتها تسجيل الحضور الإفريقي لا أكثر ولا أقل.
ومن تأخذه "سَكرة" فرحة الصعود إلى المجموعات، عليه أن يتذكر أننا مسؤولون — وبشكلٍ جماعي — عن غُصّة الأحزان التي ظللنا نشعر بها عند كل خروجٍ من دوري المجموعات الإفريقي بسيناريو يكاد يكون محفوظًا، وبأسبابٍ أكاد أجزم بأن أهمها هو إضاعة الزمن الهلالي في استعجال الأفراح، والحديث عن مشاركة الهلال في كأس العالم للأندية ونحن لم نتخطَّ بعدُ العتبة الأولى في سُلَّم الأحلام.
الجهاز الفني أولًا، واللاعبون — بعد الشكر والتهنئة على المجهود — عليهم أن يضعوا الآتي "حَلْقًا" في آذانهم:
هذا المستوى الذي لعبتم به أمام الجاموس والبوليس الكيني كان كافيًا جدًا لصعود الهلال إلى دور المجموعات، ولكن بالضرورة لن يكون كافيًا للانتصار حال ذهبنا به لمواجهة أي نادٍ من الأندية التي تأهلت معنا إلى ذات الدور؛ فالأمور هناك مختلفة تمامًا داخل الميدان وخارجه، والأخطاء الفنية أمامها لا تمرّ بدون تكاليف.
إن أردنا أن نصنع الجديد هذه المرة، علينا أن نمنع النوم على وسادة التصنيف ضمن العشرة الكبار في إفريقيا، والإحصاءات التي تُجمع فقط لنقول إننا أفضل من ذاك الفريق.
فنحن نبحث عن الرقم (1) بالحصول على تاج البطولة التي ظللنا نطارد لقبها لسنوات، وهي وحدها التي تحقق لنا الأفضلية على الآخرين.
إداريًا، نعتقد أن ما حدث لا يُعطي المبرر لامتلاء صفحات الصحف بالصور واللقطات والتصريحات، وكل هذا "البوبار الإداري"، فما زال الوقت مبكرًا جدًا لبناء أمجاد شخصية على حساب انتصارات سهلة على فرق أكثر من عادية.
وبحسب المختصين — والمدرب ريجيكامب أولهم — فإن الهلال في هذه المرحلة يحتاج إلى أجواء تنافسية حقيقية تحقق الانسجام، وترفع الحس التنافسي، وتتيح فرصة لترتيب الأوراق الفنية.
والحل في "دوري بديل" للدافوري المحلي.
ونعتقد أن المجلس الهلالي قصّر جدًا في هذا الملف، وبدلًا من التحرك بشكلٍ جماعي ومؤسسي، ترك الملف بيد العليقي، بينما ينتظر الآخرون الخبر مثلهم مثل أي مشجعٍ عادي في الهلال.
أما "تصريحات" وبيانات الأمين العام الأخيرة، التي قال فيها إن الهلال قد تلقى خطابًا "رسميًا" من الاتحاد الرواندي، فتؤكد — مما لا يدع مجالًا للشك — أن الثغرات في خط الدفاع الإداري أكثر خطورةً من خطورة إشراك السنغالي ديوف!
من يعرف كرة القدم يعلم أن فرصة الهلال للمشاركة في دوري محترم فنيًا قد تلاشت تمامًا، وأن الفرص المتاحة أمامنا لا تتجاوز دولًا تتفوق علينا فقط لأنها تملك استاداتٍ صالحة للعب المباريات، وتستفيد أنديتها فنيًا من مشاركة الهلال أكثر مما يستفيد هو منها.
من شاهد مباراة الأمس من إداريي الهلال، ووقف على قوة الدفع الجماهيري في مدرجات استاد شهداء بنينا، عليه أن يطالب — في أول اجتماع للمجلس — بإعادة ملف اختيار الملعب الذي سيؤدي فيه الهلال مبارياته الإفريقية للنقاش، آخذين في الاعتبار عامل الدعم الجماهيري إلى جانب عوامل السفر والتكاليف، لأن التضحية بالعوامل الجماهيرية وترجيح العوامل الأخرى فيه سوء تقديرٍ كبير.
تهنئة الاتحاد العام للهلال بالصعود مقبولة، إلا أن ما صاحبها من "إنشاء" لا يُقدّم ولا يُؤخّر في حقيقة أن أعمالًا صبيانية تقوم بها لجنة المسابقات من شأنها أن تُعطّل الهلال، وقد تُكلّفه الموسم الإفريقي بالكامل إن لم يتعامل اجتماعها الأول القادم في القضارف بعقلٍ ومنطقٍ يوفّران كل ما يلزم للممثل الشرعي الوحيد للكرة السودانية في البطولة الإفريقية.
ذلك لأن لغة الموافقة على المشاركة في دوري بديل وفي ذات الوقت الاشتراط بالعودة للدوري المحلي في يناير، وسنّ لوائح مشاركة الأجانب بالمزاج الصبياني، تنطوي على "لؤمٍ" وتربصٍ بمصلحة الهلال.
والهلال كمؤسسة له إرثٌ إداري كبير مدعوم بـقوة دفعٍ جماهيرية تحصّنه ضد أي قوة "جبرية"، سواء كانت لجنة مسابقات أو دولة.
إن التفكير الناقد مهم ومفيد جدًا في الهلال، ونعتقد أنه الأكثر نفعًا من تكاثر "لَبْلاب الطبالين" و"حارقي البخور".
ولا أجد عيبًا — من حيث المبدأ — في حديث كل من كتب منتقدًا الأداء الإعلامي بسبب ما حدث في مسألة بث المباريات، فالنقد الذي يأتي بدافع المسؤولية هو المطلوب.
وهذا يتطلب معايير أخلاقية أولًا، لأنها هي التي تفرّق بين النقد البنّاء والسباب، وبين المسؤولية والتلذذ بالشتائم دون معرفة.
ولسنا مع مدرسة المخزومية في الهلال
 
              
            
0 التعليقات:
أضف تعليقك