 
            بهدوء
علم الدين هاشم
مشاركة المريخ في الدوري الليبي – إذا تمت – فهي ليست مجرد فكرة عابرة أو خطوة لتجاوز مرحلة الفراغ بعد الخروج من دوري الأبطال، بل هي قرار شجاع ومدروس يعكس حجم الرؤية التي يعمل بها مجلس التسيير منذ تولّيه المهمة. المجلس لا يفكر بعقلية “اليوم باليوم”، بل يسعى لبناء مشروع متكامل يعيد الفريق إلى موقعه الطبيعي قارياً ومحلياً، ويضع أساساً فنياً مستقراً للمواسم القادمة.
هذه الخطوة تأتي امتداداً لعملٍ متوازنٍ بدأ منذ فترة التسجيلات والمعسكرات الخارجية، وهي رسالة واضحة بأن المجلس الحالي لا يعرف التوقف ولا الاستسلام، وأنه حريص على توفير بيئةٍ تنافسيةٍ تحفظ جاهزية الفريق وتمنحه فرص التطور، خاصة بعد أن ضاعت على الأندية السودانية فكرة “الدوري المنتظم” بسبب فشل الاتحاد العام في إدارة ملف الموسم المحلي.
مجلس التسيير يستحق التحية لأنه لم ينتظر “إشارات الرحمة” من اتحادٍ يُدار بعشوائية، بل بادر إلى البحث عن البدائل العملية التي تحفظ مكانة المريخ وتمنع تراجع مستواه. والمشاركة في الدوري الليبي – إن تمت بالصورة المطلوبة – ستمنح الفريق احتكاكاً قوياً وتجربة ميدانية حقيقية، وليست مجرد (نزهة سياحية) كما هو الحال في المشاركة السابقة في الدوري الموريتاني التي افتقدت للجدية والروح التنافسية، وخرج منها المريخ بلا مكاسب.
لكن في المقابل، يظل الاتحاد العام مثالاً للفوضى المستمرة، فحتى اللحظة لا أحد يعرف مصير الدوري الممتاز أو مواعيد انطلاقه، رغم الوعود المتكررة. فالموعد الذي تحدث عنه رئيس لجنة المسابقات – يناير القادم – يتقاطع مع مشاركة المنتخب في نهائيات أمم أفريقيا بالمغرب، وهو ما يؤكد أن الاتحاد يعمل بلا خطة واضحة، وبعقلية “ردّ الفعل” لا “الفعل”.
ما يفعله مجلس تسيير المريخ اليوم هو ما كان يجب أن يفعله الاتحاد نفسه: التفكير خارج الصندوق، واستغلال كل فرصة ممكنة لتطوير اللعبة وإنقاذ الموسم. لكن طالما ظل الاتحاد حبيس المصالح والمكاسب الشخصية، فستبقى كرة القدم السودانية في الدائرة ذاتها من الفشل والتخبط.
المريخ بخطوته هذه يثبت أنه نادٍ كبير يفكر بعقلٍ مؤسسي، بينما اتحاد الكرة يثبت في كل مرة أنه بلا بوصلة ولا رؤية للمستقبل.
0 التعليقات:
أضف تعليقك