الجمعة 31/أكتوبر/2025

د. أحمد الصديق أحمد البشير

د. أحمد الصديق أحمد البشير

الألعاب الشعبية السودانية وأثرها في تعزيز القيم والتنمية النفسية

تُشكّل الألعاب الشعبية في السودان، كما في العديد من الثقافات، تراثًا ثقافيًا حيًّا ينتقل من جيل إلى آخر.
هذه الألعاب ليست مجرد وسائل للترفيه، بل هي أدوات تربوية ونفسية بالغة الأهمية تسهم في تعزيز القيم الاجتماعية والتربوية وتحقيق التوازن النفسي للأطفال، وهي تمثل رديفًا طبيعيًا مقابل الألعاب الإلكترونية الحديثة.

تمتلك الألعاب الشعبية قدرة فريدة على غرس القيم الحميدة وتعزيز الهوية الاجتماعية لدى الطفل من خلال ممارسات تفاعلية مباشرة.

تعزيز القيم الاجتماعية:
الألعاب الشعبية بطبيعتها الجماعية تعلّم الأطفال روح التعاون والترابط الاجتماعي واحترام الحقوق والواجبات.
يكتسب الطفل من خلالها العادات الاجتماعية التي تعينه على التكيف مع عناصر البيئة والتوافق مع جميع من يتصل بهم من الناس، مما يبني طفلًا اجتماعيًا قوي الشخصية، جريئًا ومغامرًا.
كما أن هذه الألعاب تمثل مرآة تعكس ملامح الحياة الاجتماعية والتراث الثقافي، حاملةً بين طياتها القيم الحضارية والمعارف الإنسانية.

 

تحقيق التوازن النفسي

تشكل هذه الألعاب منفذًا طبيعيًا وصحيًا للطفل، فهي – وفقًا للدراسات – تساعد على التخلص من الضغوط النفسية، وتعمل على تحسين الحالة المزاجية والصحة النفسية بشكل عام.
في بيئة اللعب الآمنة، يختبر الأطفال ويتعاملون مع مشاعر نفسية متنوعة مثل الخوف والعدوانية والإحباط، مما يساعد على تحرير المشاعر المكبوتة والتخلص من التوترات النفسية والجسدية بشكل آمن.
كما أن اللعب ينمّي قدرة الطفل على الإبداع والتخيل، وهو بمثابة غذاء للعقل والروح.

تنمية المهارات التربوية والجسمانية

تعد الألعاب الشعبية وسيلة ممتازة للنمو الشامل.
من الناحية الجسمانية، فهي تنطوي على مجموعة واسعة من الحركات مثل الجري والقفز والرمي، مما يقوّي الجهازين العضلي والعصبي، ويعزز صحة القلب والجهاز التنفسي، ويطور التنسيق الحركي وخفة الحركة.
أما فكريًا، فتنمّي هذه الألعاب مهارات التفكير والتوقع وحسن التصرف، وتعزز الذكاء والقدرة على حل المشكلات واتخاذ القرارات السريعة في ظل ظروف متغيرة.

خلاصة وعي

تمثل الألعاب الشعبية السودانية كنزًا تربويًا واجتماعيًا ونفسيًا لا يفنى.
فهي ليست مجرد ذكريات من الماضي، بل أدوات فعالة لبناء شخصية متوازنة للطفل، قادرة على التفاعل الاجتماعي الإيجابي، ومتمتعة بصحة نفسية وجسدية جيدة.
ومن الأهمية بمكان العمل على الحفاظ على هذا الموروث وتوثيقه وتشجيع الأجيال الجديدة على ممارسته، لضمان استمراريته والإفادة من منافعه التي لا تُحصى ولا تُعد.

 

0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار