 
            بلا ميعاد
عوض أحمد عمر
 
• لم تكن مدينة الفاشر الطاهرة يومًا حدثًا عابرًا في سجل الحرب الظالمة التي أشعلتها مليشيا الجنجويد ومن تبعهم من منعدمي الوطنية والضمير، ومن ناصرهم من المرتزقة الأجانب.
• بل كانت عنوانًا مشرفًا للصمود، ومسرحًا لملاحم الكرامة والعزة في وجه العدوان والظلم.
• فقد كانت مسرحًا دامياً كشف للعالم الوجه الحقيقي لمليشيا الجنجويد ومن تبعهم من المرتزقة الأجانب الذين عاثوا في الأرض إرهابًا وفسادًا.
• إن اجتياح المدينة الطاهرة العزيزة على أبناء السودان جميعًا مثّل حملة إرهاب ضد الأبرياء العُزّل من الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى.
• استهدفت الهجمات المدنيين في بيوتهم، وفي المستشفيات والأسواق، وحتى في مراكز الإيواء التي لجأ إليها الفارّون من جحيم البربر والتتار.
• لقد ارتُكبت في الفاشر جرائم يندى لها جبين الإنسانية، من قتلٍ ممنهجٍ مارسه الطغاة، وانتهاكٍ للأعراض، وتشريدٍ لمئات الآلاف من الأسر التي وجدت نفسها في العراء تحت نيران من لا ضمير لهم ولا أخلاق.
• ومما يزيد الفجيعة أن مرتكبي هذه الأفعال لم يكتفوا بالجريمة، بل جعلوا منها مشهدًا للتشفي والتفاخر، في تناقضٍ صارخٍ مع كل القيم الدينية والوطنية والإنسانية التي تُحرّم سفك الدماء وتُجرّم العدوان على المدنيين العُزّل.
• إن ما جرى في فاشر السلطان لم يعد شأنًا يخص أهلها وحدهم، بل امتحانًا حقيقيًا للضمير الوطني والضمير الإنساني العالمي.
• فالصمت أمام هذه الوحشية تواطؤ، والحياد خيانة لقيم العدالة والرحمة.
• أين هي المنظمات الدولية التي ترفع شعار حماية المدنيين؟ وأين هي الدول التي تتحدث باسم حقوق الإنسان بينما تغضّ الطرف عن مجازر تُرتكب على مرأى ومسمع العالم؟
• إن الموقف الإنساني الحق اليوم هو أن يُسمع صوت الإدانة عاليًا بلا تزييف، وأن تتوحّد الجهود لوقف هذا النزيف، لا أن يُبرّر العدوان بحججٍ واهية وضميرٍ خَرِب.
• وسط هذه المأساة الإنسانية، تبرز الحاجة إلى وقفة صادقة مع النفس والضمير الوطني.
• فالدفاع عن الفاشر هو دفاع عن السودان كله، وعن قيم الحرية والكرامة والحق وشرف الأرض والعِرض.
• وواجبٌ على كل سوداني أصيل أن يُساند قواته المسلحة والقوات المساندة بكل فصائلها ومسمياتها، تلك التي تقاتل في ظروف بالغة التعقيد لتطهير المدينة من رجس الخوارج والمرتزقة الذين دنّسوا الأرض الطاهرة واستباحوا الحرمات.
• إن معركة الفاشر ليست فقط معركة سلاح، بل معركة وعيٍ وضميرٍ ووطنيةٍ غير منقوصة.
• ويبقى من الواجب أن تمتد الأيادي والقلوب لأهلنا في فاشر السلطان، فالنصرة ليست في الكلمة وحدها، ولا في الاستنكار الصامت، بل في الفعل الموجب: في فتح البيوت لاستقبال النازحين، وفي التبرع بالغذاء والدواء، وفي مساندة الجرحى والمشردين.
• إن وقوف الشعب مع بعضه في هذه المحنة هو الامتحان الحقيقي لوحدته ومروءته وإنسانيته.
▪️آخر الكلم▪️
ما يجري في الفاشر اليوم جرحٌ في جسد الوطن، لكنه جرحٌ يمكن أن يكون منطلقًا لشفاء كامل الجسد إذا ما وعى الناس حجم الخطر واتحدوا خلف رايةٍ واحدة: راية الوطن.
فالشعب السوداني، الذي عُرف عبر تاريخه بالصبر والشهامة وسطر ملاحم خالدة، لن يرضخ لزمن المرتزقة ومنعدمي الأخلاق والضمير، ولن يتعايش مع حكم الرعب والإرهاب وأذناب المستعمر.
ستظل الفاشر – بإرادة الله الغالبة – كما كانت دومًا رمزًا للعزة والصمود والكبرياء، وشاهدة على أن الدم السوداني غالٍ، وأن قيم الحق والوطنية والإنسانية لا بد أن تنتصر... وستعود الفاشر كما كانت زينة المدن وفخر السودان.
Omeraz1@hotmail.com
0 التعليقات:
أضف تعليقك