الجمعة 31/أكتوبر/2025

فروع البنوك السودانية في الخارج شرايين الاقتصاد الوطني

فروع البنوك السودانية في الخارج شرايين الاقتصاد الوطني

رسالة عاجلة إلى مدير بنك السودان

تمثل الجاليات السودانية في الخارج ثروة قومية وطنية لا تُقدّر بثمن؛ فهي جسور للتواصل الثقافي والعلمي، وعناصر فاعلة في اقتصادات دول الإقامة.
إلا أن هذه الجاليات، على الرغم من كثرتها وتنوع خبراتها، تفتقر إلى تمثيل مالي وطني يوازي تمثيلها الدبلوماسي.

فكما أن للسودان سفارات وممثليات في مختلف أنحاء العالم لخدمة مواطنيه وحماية مصالحه، فإنه من المنطقي والضروري أن يكون له وجود مالي قوي يتمثل في إنشاء فروع للبنوك السودانية الوطنية في مراكز تجمع السودانيين.

إن إنشاء فروع خارجية للبنوك الوطنية، تحت إشراف وتوجيه بنك السودان المركزي، ليس مجرد خدمة للجاليات، بل هو استراتيجية اقتصادية ذكية تساهم في دعم الاقتصاد الكلي للبلاد.
يكمن جوهر هذه الاستراتيجية في تمكين أي مواطن سوداني في الخارج من فتح حساب بنكي في بنك وطني سوداني، بإيداعات وسحوبات بعملة بلد إقامته (كالدولار أو اليورو أو الجنيه الإسترليني أو الريال السعودي وغيرها).
هذا الأمر يبدو بسيطًا في شكله، لكنه عظيم في تأثيره.

أولى ثمار هذا المشروع تتمثل في استقطاب التحويلات المالية للجاليات.
فمعظم السودانيين في الخارج يضطرون حاليًا لاستخدام قنوات تحويل تقليدية أو بنوك أجنبية لإرسال أموالهم لأهلهم في السودان.
وجود بنك وطني في محيطهم سيشجعهم بشكل كبير على تحويل مدخراتهم عبر هذه القنوات الرسمية الآمنة، مما يؤدي إلى تدفق عملة صعبة مباشرة إلى الخزينة العامة، بدلًا من تسرب جزء منها عبر القنوات غير الرسمية.

هذه التحويلات تشكل شريان حياة للاقتصاد، حيث تدعم ميزان المدفوعات، وتزيد من احتياطي البلاد من العملات الأجنبية، وتوفر سيولة للتمويل والاستثمار المحلي.

علاوة على ذلك، سيخلق هذا المشروع قناة تمويلية جديدة للدولة.
فعندما تتراكم الودائع بالعملات الأجنبية في الفروع الخارجية، يمكن لبنك السودان المركزي استخدامها كضمانات لتعزيز القوة الائتمانية للدولة.
هذا الأمر سيرفع من التصنيف الائتماني للسودان في أعين المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

ونتيجة لذلك، ستكون هذه المؤسسات أكثر استعدادًا لـ“فتح سقف التمويل” للدولة، أي منحها قروضًا بمبالغ أكبر وشروط ميسرة لدعم مشاريع البنية التحتية والتنمية الصحية والتعليمية.
كما سيمكن ذلك البنوك الوطنية من تمويل الأفراد والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بضمانات أفضل، مما ينشّط القطاع الخاص ويخلق فرص عمل جديدة.

باختصار، إن تمثيل البنوك السودانية في الخارج هو أكثر من مجرد خدمة مالية، إنه إعلان عن ثقة الدولة بمواطنيها في الخارج واستثمار حقيقي في طاقاتهم.
إنه تحول استراتيجي من النظر إلى تحويلات المغتربين كمجرد مساعدات فردية إلى اعتبارها رافدًا أساسيًا للاقتصاد القومي يمكن تنظيمه وتوجيهه وتحفيز المغتربين عبر الإعفاءات الجمركية والتسهيلات الاستثمارية لخدمة أهداف التنمية المستدامة.

لذلك، فإن الدعوة إلى تسريع إنشاء هذه الفروع هي دعوة لفتح أبواب جديدة للنمو، ورفع درجة أداء الاقتصاد الوطني، وبناء جسر متين من الثقة والمنفعة المتبادلة بين الوطن وأبنائه المغتربين.

0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار