الجمعة 31/أكتوبر/2025

لمثل هذا يذوب القلب من كمد

لمثل هذا يذوب القلب من كمد
وقس على ذلك
حسن عمر خليفة
 
* مناظر تدمي القلوب وتملأ المآقي بالدموع تلك التي ضجّت بها وسائل التواصل الاجتماعي لما حدث في حاضرة شمال دارفور مدينة الفاشر بعدما اجتاحتها قوات تتار العصر وأعملت في أهلها آلة القتل والتنكيل في مشاهد تحرك جامد الصخر، الفاشر التي صمدت وقاومت واستبسلت قبل أن يحيق بها ما حاق من قبل بمدن وقرى الجزيرة التي ذاقت من وبال وبطش المليشيات الغاصبة ما ذاقت من أناس نزعت من قلوبهم الرحمة فلم يفرقوا في فورة غضبهم المغذى بالحقد والكراهية بين رجل و أمرأة وبين طفل وشيخ كبير.
* إن الكلمات مهما تعاظمت والعبارات مهما تطاولت لن تكون قادرة على وصف المأساة التي هزّت الجميع وتداعى لها كل من في قلبه مثقال ذرة من نخوة أو رحمة ناهيك عن الدين الذي غاب في سكرة سطوة القوة الغاشمة التي نسيت الواحد الديّان الذي تجتمع عنده الخصوم والذي يمهل ولا يهمل ولا يرضى الظلم بعد أن جعله محرّماً على عباده وأمرهم ألا يتظالموا؛ لكن ماذا نقول وقد سدر الأوباش في غيهم وراحوا ينفثون سموم الغدر والخيانه على مدنيين وأبرياء عزل أرادوا لهم أن يخرجوا من ديارهم بغير حق.
* إن حالة الغبن والقهر التي عمّت الجميع حيال المناظر البشعة التي طفحت بها الميديا من فاشر السلطان لم تكن إلا امتداداً لما ظل يمور بالنفوس والمدينة تئن تحت وطأة حصار جائر أذاق أهلها لباس الخوف والجوع والجأهم إلى ذل الحاجة ومقارعة المسغبة وسط صمت من عالم لا يرى إلاّ ما يريد أن يراه ويغض الطرف عن مناظر ومشاهد لا تمس الإنسانية فقط لكنها تقدح في كينونتها وموازينها المعتلّة المختلّة.
* لقد كتبت الفاشر ملحمة من الصمود وعندما تكاثرت عليها عاديات الأيام سقطت ولسان حال كل فتى فيها كما قال القائل: فتى مات بين الضرب والطعن ميتة تقوم مقام النصر إذ فاته النصر؛ قالت الفاشر كلمتها ولم تزد على أن أشارت بالعشرة إلى سوءات الحرب التي عرفها أهل السودان بما فعلته فيهم فلم يعد في بيت منها ناجٍ؛ الرحمة والمغفرة للشهداء ونسأل الله أن يتقبلهم بأحسن القبول وأن يأخذ الظالم أخذ عزيز مقتدر فهو ولي ذلك والقادر عليه ونسأله أن يجعل فرحتهم إشارة لمهلكهم تصديقاً لقول المولى عز وجل: (حتى إذا فرحوا بما اوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون) صدق الله العظيم.
 
 
 
 
 

0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار