 
            طق خااااص
خالد ماسا
الفترة الحالية لمجلس إدارة نادي الهلال تُعتبر – بمقاييس الأعوام التي انصرمت – أكثر فترة تعرّض فيها للعب "الضاغط" من جمهور وإعلام النادي، وذلك بعد أن عاش الهلال أكثر فتراته هدوءًا. إذ إن العثرات التي تعثّرها النادي، وما خفي من عظيم المشكلات الإدارية في وقت سابق، كانت كفيلة بهزّ أركان المجلس إن لم تعصف به تمامًا، حيث لا يشفع مالٌ أنفقوه أو أفواهٌ أطعموها.
خسر الهلال بطولة كانت في متناول "أقدام" اللاعبين واختيارات مدربهم الجديد، وبزعم الإعداد للبطولة الكبرى خفّف البعض الضغط على المجلس، وحاولوا كسب بعض الزمن حتى يستعيد المجلس أراضي فقدها بسبب ذلك، وبسبب المستوى الذي لا يليق والمقاس المكتوب على ظهر اللاعبين المستقدمين حديثًا. وسرعان ما اهتزّت الأرض مرة أخرى تحت أقدام ثبات المجلس بالتعادل في أولى خطوات البطولة أمام الجاموس الجنوب سوداني، واشتد الحصار على "الدفاعات الأمامية" للمجلس، وتم "فك اللجام" واستخدام المدفعية الثقيلة ناحية كل قراراته. والمتوقع أن يزداد الحصار والضغط عليه، وهو يعلم ذلك، ومتأكد بأن نتيجة لقاء الإياب أمام الجاموس ربما تُحدث تحولًا كبيرًا: إما أن تنتهي بفك الحصار وتنفس رئتي المجلس الصعداء، أو انضمام قوى إضافية لمعارضي سياساته تضيق عليه الخناق.
في حال الرياضة السودانية لا يمكن الفصل بين ناديي القمة وحالة التنافس بين إدارتيهما، ولا يغيب عن ناظر أي متابع أن كفة المجلس الهلالي هي الأرجح على المريخ، الذي كان يعيش أوضاعًا إدارية لم تعرف الاستقرار، وعانى من "أنيميا" إدارية ومالية أتاحت لإدارة الهلال الاستعراض طولًا وعرضًا، وصارت السيطرة للقطب الأزرق الواحد. وبالتالي لم يتعرض المجلس الحالي لأي اختبار حقيقي كالذي كان يحدث سابقًا على مستوى تسجيل اللاعبين أو استقدام المحترفين، أو حتى على مستوى التأثير في الاتحاد العام، الذي كان يراعي "الوزنة" بين ناديي القمة تأسيسًا على وزن مجلسي الإدارة فيهما.
الآن الأوضاع تغيّرت، و"الدولة" استدعت الغضّ والغضيض وكتبت أسماءهم في لجنة تسيير نادي المريخ بثقل سلطوي ومالي لا تستطيع العين أن تتجاوزه. وعند النظر إلى حلبة النزال بين الناديين، يتضح أن الأمر يختلف كثيرًا عن حالة مسرح الرقص المنفرد التي تمتع بها مجلس الهلال. وقد يرى بعض كفيفي البصيرة أن هذا التأثير بعيد عن الحال الهلالي، ولكننا نقول إن مجلس الهلال لن يجد مرة أخرى ما وجده في مذكرة هيثم كابو ونهائي كأس السودان، ولن يكون نجوم التسجيلات من المحليين لقمة سائغة يسيل لعابهم لما يدفع به الهلال لتسجيلهم قلّ أو زاد.
في عهد "ثنائية القطبية" لكرة القدم السودانية سيعاني المجلس الحالي من ارتفاع تكاليف الحرب الباردة بسبب الزيادة المتوقعة في القدرة المالية للجنة تسيير المريخ. وبمعنى آخر، فإن ما تبقى من عمر المجلس سيشهد ضغوطًا داخلية وخارجية يحتاج فيها إلى ممارسة إدارية راشدة تمكّنه من بناء حوائط صد ومتاريس يحافظ بها على بنائه المتماسك ظاهريًا.
لا يمكننا أن نصف ما جرى بين أستاذ الأجيال عبد المنعم شجرابيوالسيد محمد إبراهيم العليقي بأنه "حوار" صحفي، فهو – بحسب المحتوى – أقرب إلى مادة تسجيلية أراد بها العليقي أن يكسب نقاطًا "حاكمة" ويسوّق نفسه في أجواء الضغط الإعلامي والجماهيري. وهذا ما لم يشفع له عند جمهور الهلال، إذ إن وزن الحوار لم يكن كافيًا للإقناع.
لكي تتجاوز طائرة المجلس الهلالي هذه المطبات والضغوط، عليها استدعاء الروح "الجماعية" في الأداء الإداري، وبيت "الشورى" لا يخرب كما تقول الحكمة السودانية. ولقد جرّبت الأمة الهلالية مرارًا عروض مسرح الرجل الواحد، وأسدل ستارها على فشل.
في المجلس الحالي هلالاب بطاقات شابة وأفكار جيدة، لو تم تحرير هذه الطاقات بالعمل الجماعي والبعد عن "لوثة" النجومية الإدارية واحتكار الإنجاز، بالتأكيد ستحدث نقلة كبيرة على مستوى الأداء الإداري في الهلال. وعلى الرغم من الضغوط الممارسة على المجلس حاليًا، إلا أنه يعلم بأنها تأتي من باب المحبة لهذا البيت، والتي يمكن تسخيرها لخدمة ريادة هذا النادي ورفعته. وبالضرورة هناك كبواتفي العمل العام، إلا أن إقالة عثراتنا تأتي بالروح الجماعية وإخلاص النوايا.
على المجلس أن ينظر لما يُمارس عليه الآن من ضغوط بعين المناصحة، وألا يكسب أعداء لسياساته بالمكابرة والقفز على واقع يراه الكل في الهلال. وما زالت الظروف متاحة ليستدرك أعضاء المجلس الأمر ويستعدلوا "العوج" الفردي لصالح الاستقامة الجماعية، ويساووا الصفوف ويسدّوا الفُرج على شيطان التفاصيل.
0 التعليقات:
أضف تعليقك