رأي مباشر:
المستشار القانوني: محمد الفاتح محمد نور مختار
- وأنا أتابع—كغيري—ردود الأفعال على أغنية الفنان طه سليمان باللهجة المصرية («ألسوع»)، لفت نظري تعليقٌ عميق على منصة يوتيوب صادر—على ما يبدو—من أحد معجبي الفنان الشاب، ومفاده: «مش وقفت معانا في الحرب؟ اعمل العايزه».
 • هذا التعليق—في تقديري المتواضع—حمل تأكيدًا قاطعًا على أن الكليب المثير للجدل لم يلقَ القبولَ المتوقع حتى من جمهور طه سليمان نفسه، بل أحدث انقسامًا واضحًا بين معجبٍ وذامّ.
 • لا بدّ—ابتداءً—من الثناء على رغبة طه العارمة في التفرد والتميّز، وتقديم كل ما هو جديد ومبتكر في عالم الفن والغناء؛ وهذا الطموح الوثّاب جعل طه فنانًا ذا لونيةٍ خاصة جدًا وبمشروعٍ فنيٍّ مختلف.
 • لا أخفي إعجابي الكبير بصوت طه الطيّع وقدرته الكبيرة على أداء قوالب متنوّعة من الغناء؛ وهذه الخاصية—مع انفتاح طه—تمثّل نقاط الانطلاق الأبرز للتحليق بعيدًا خارج نطاق الأسراب التي أدمنت التقليد والتدوير.
 • وأذكر أن فنان أفريقيا الأول، الإمبراطور محمد وردي—رحمه الله—قد تنازل قبل سنوات لطه سليمان عن أغنيته ذات اللحن الشجيّ التي صاغ كلماتها «رئيس جمهورية الحب» الشاعر إسحاق الحلنقي («الدموع»)، مانحًا إياه صكّ ملكيتها؛ وهذا شرفٌ بازخ قلّ أن يجود به وردي، وقلادةٌ على عنق الفنان الشاب، ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.
 • بالعودة إلى الكليب الذي أثار الضجّة، أجدني عاجزًا عن تحديد الفئة المستهدفة به: هل طه—كعادته—يجاري نسق «التريند»، أم هي محاولةٌ لاقتحام السوق المصري ولفت أنظار الشارع هناك؟ أرى أن هذه الفرضية أقرب، نظرًا لما قدّمه طه في حفليه الأخيرين من عرضٍ بصريٍّ والاستعانة بموسيقيين مصريين.
 • لكن «بيعَ المياه في حارة السقايين» ليس بهذه السهولة واليُسر. وإذا تجاوزنا جدليةَ الغناء باللهجة المصرية—التي لا يستسيغها المتلقي السوداني إلى حدٍّ كبير، بصراحة، بداعي تقاطعات كثيرة—وباعتبار أن طه ما يزال يغني لجمهوره ولم ينتقل بعد إلى مرحلة تعرُّف الجمهور المصري إليه.
 • الكليب مشابه—بدرجةٍ كبيرة—لِما يقدمه الفنان محمد رمضان، أو ما يُعرف في مصر بـ«أغاني المهرجانات». وتكرار هذه الأنماط والأفكار يستدعي إلى الأذهان شبهةَ التقليد، ولا سيّما أن «حبكة» السيناريو ليست بهذه الدرجة من الإتقان والتجديد.
 • نشدّ على يدك يا طه ونناصرُك في مشروعك الفني—الذي يبدو أنك تديره بمفردك دون تدخلاتٍ جوهرية حتى من المقرّبين—لكن لا أعتقد أن مصر ستفتح لك ذراعيها لتعانقك هكذا «خبطَ عشواء» لمجرّد الغناء بعاميتها.
 • ابحث عن طرقٍ للتعاون مع كبار شعراء وملحّني الغناء في مصر لإحداث النقلة المرجوّة، أمثال: عمرو مصطفى، وأمير طعيمة، وأيمن بهجت قمر، واليافع القادم بقوة محمد شافعي.
 • اطرقْ كلَّ الأبواب التي قد توصلك للغناء في مسارح مصر التاريخية كدار الأوبرا ومسرح الجمهورية، كما فعل كاظم الساهر وأقرانه من الفنانين العرب الذين لم يسطع نجمهم بقوة إلا بعد المرور عبر بوابة مصر وإجازة جمهورها العريض—ولا سيّما الذوّاق منه.
 • لا غضاضة من إدخال الإيقاعات والحِليّات الشرقية، ودَوْزنة أغانيك وألحانك على السلم السباعي—مثلما تفعل حاليًا—طالما أن ذلك قد يسهم في توفير القدر المعقول من القبول للمفردة واللحن السودانيَّين.
 • الأملُ معقودٌ عليك وعلى أمثالك—بما لديكم من جرأةٍ وإمكاناتٍ عالية—لنقل الغناء السوداني إلى مصافّ العالمية، بعد أن ظل—منذ نشأته—حبيسًا لأدراج المحلية موغلًا فيها.
 • لستَ في حاجةٍ إلى «لسوعة» أحدٍ؛ فجميع الشواهد تقول إنك متفوّق على أقرانك من الفنانين، ولأن منافسك الأكبر هو الشخص الذي كنتَ عليه بالأمس—not الآخرون فقط.
 • غنِّ يا طه بالمصرية وبكلّ لهجاتٍ ولغاتِ العالم.
 • بس مش كده!
 
          
0 التعليقات:
أضف تعليقك