 
            خليك دبلوماسي
محمد مأمون يوسف بدر
أيها المغتربون السودانيون الغيورون، يا من تحملون في قلوبكم عبق الوطن وأصالة ترابه
إلى رؤساء الجاليات والسفراء غير الرسميين المنتشرين في كل بقعة من بقاع الأرض، إليكم يصل نداء الوطن في إحدى أحلك لحظاته. نعم، كنتم خير معين في الفترات السابقة، ولكنكم اليوم أمل السودان الوحيد.
إن الأزمة الصحية والكوارث الطبيعية التي تجتاح السودان اليوم ليست مجرد أرقام وإحصاءات، بل هي عاصفة من المصائب تهدد الوجود نفسه. فتفشي مرض حمى الضنك والأمراض الوبائية الأخرى، يقابله فيضان النيل الأزرق والنيل الأبيض اللذان يوشكان على اجتياح القرى والمجتمعات الريفية، ليخلقا معًا حالة طوارئ متعددة الأوجه تمس كل أسرة، وتهدد حياة الأطفال والنساء والشيوخ بشكل غير مسبوق.
في هذا الوقت المصيري، تتحول دبلوماسيتكم الشعبية من كونها صلة وصل ثقافية واجتماعية إلى كونها سلاح إنقاذ وحياة.
إن الوضع على الأرض ينادي بالمساعدة العاجلة، فحمى الضنك تفتك بالضعفاء في ظل نقص حاد في المستلزمات الطبية والمبيدات الحشرية، مما يهدد بكارثة وبائية حقيقية. لذلك لم تعد المساعدة تقتصر على الأدوية فحسب، بل يجب أن تشمل معدات الطوارئ المنقذة للحياة مثل مضخات المياه، ومولدات الكهرباء للمرافق الصحية، ومستلزمات تنقية المياه، والخيام، والبطانيات، والناموسيات الواقية، بالإضافة إلى أدوات الإسعافات الأولية الأساسية.
إن مسؤوليتكم التاريخية اليوم تتطلب تحويل علاقاتكم الشخصية والمهنية إلى جسور لإغاثة الوطن. وجّهوا نداءاتكم إلى المجتمعات المحلية في دول إقامتكم، وأقنعوها بضرورة دعم برامج مكافحة الأوبئة وإرسال مساعدات طوارئ ملموسة. والتقوا بمسؤولي الشركات الخاصة العاملة في مجالات المعدات الطبية والمساعدات الإنسانية، وعرّفوهم بأن تبرعاتهم من هذه المعدات ستكون حاجزًا بين الموت والحياة لآلاف الأبرياء.
وابحثوا عن فاعلي الخير والمؤسسات الخيرية الدولية، وارووا لهم قصص المعاناة الحقيقية تحت وطأة الوباء والحرب، وكونوا وجوهًا موثوقة تضمن وصول العون إلى من يستحقه.
لا تستخفّوا بقوة صوتكم الجماعي. اطرحوا الأفكار الإبداعية مثل حملة "ناموسية تنقذ أسرة" أو "مضخة ماء تنقذ قرية". استخدموا منصات التواصل الاجتماعي ليس للحديث فقط، بل للتحريض على الفعل وجمع التبرعات العينية والنقدية بشكل منظم وشفاف.
تذكّروا أن وراء كل تبرع قد تكون هناك ناموسية تحمي طفلًا من لسعة بعوض قاتلة، أو مضخة ماء توفر مياهًا نقية لقرية بأكملها، أو خيمة تؤوي عائلة شرّدها الفيضان.
أيها السفراء الشعبيون، إن الوطن لا ينتمي فقط لمن يعيش على أرضه، بل ينتمي بقوة أكبر لمن يحمله في قلبه أينما حلّ وارتحل. لقد حان وقت ترجمة هذا الحب إلى فعل ملموس. لن يجزي الوطنُ أهله إلا بالوفاء، وليس هناك وفاء أعظم من أن تمد يد العون عندما تشتد الحاجة، خاصةً عندما تجتمع جائحة الأمراض مع جائحة الطبيعة.
لتكن دبلوماسيتكم في هذه الحملة الصحية والإغاثية شهادةً للعالم على أن شعب السودان، رغم كل المحن، يظل كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمّى.
معًا وبهمّتكم يمكننا أن نصنع فرقًا، ومعًا يمكننا أن نكون سببًا في إنقاذ حياة إنسان هو جزء منا.
ليكن شعارنا الموحّد: "إنقاذ أهلنا في السودان من الوباء والفيضان."
0 التعليقات:
أضف تعليقك