الجمعة 31/أكتوبر/2025

وداعاً أمير الشرق....!!

وداعاً أمير الشرق....!!

 

 

 

  • فقدٌ جلل... بعد أن رشح في الأسافير أن د. محمد طاهر إيلا قادم إلى السلطة... أمس الأول القريب، فرحنا حدّ الفرح، لأننا نعرف تماماً من هو إيلا... ولم نكن ندري أن إيلا لحظتها كان في ساعاته الأخيرة، يلملم أطراف أيامه لمفارقة الدنيا كلها، نعم كلها، بخيرها وشرّها.
  • حزنا اليوم بقدر فرحنا أمس الأول، بل أكثر، لأننا افتقدنا أمير الشرق وعقلاً من عقول الشرق مميزاً ومحترماً... إيلا فقدٌ جلل لكل السودان... بكتْه الجزيرة وهو حيٌّ يُرزق حين غادرها بعد “النقة”، وبكتْه اليوم بعد الموت... بكتْه بورتسودان كلها أمس واليوم، بكتْه بعد أن طوّر وعمّر وبنى وشيد ونظّم ورتّب، فافتقدوه حين نُقل حسداً إلى الجزيرة، وهو ابن الشرق وأمير الشرق... الله الله يا إيلا، فقدك جلل.
  • د. إيلا لم يكن مجرد والٍ عادي، ولم يكن شخصاً سودانياً عادياً، بل كان والياً وشخصاً مميزاً حدّ التميز... رصيناً، طيباً، قوياً، حاسماً وقاطعاً، ولكنه لين الجانب الإنساني، حنيناً حنية “أدروب” إن رضي عنك وأحبك... كان إيلا عملياً ومنتجاً ووطنياً غيوراً، محباً لأهله وغيرهم، والدليل ما فعله في الشرق فعله في الجزيرة، ولكن حسد أعداء النجاح جعله لم يكمل المشوار، فكانت أسوأ محطاته محطة مجلس الوزراء التي لم يهنأ فيها، ولم يذق للحياة طعماً... الله يجازي من كان السبب.
  • في ولاية الخرطوم، على آخر أيام الإنقاذ وأيام حكومات الفوضى التي ألحقت بالسودان “أمات طه”، كنت أقول: يا رب أدّينا إيلا للخرطوم، وإن لم يكن إيلا فـ (أخو إيلا)... فحارب الجمع الخبيث الفكرة.
  • ذهب إيلا وترك الدنيا كلها للأعداء والخبثاء والطبّالين والمرتزقة والجنجويد و”القحاتة” وأعداء الوطن الخونة الآثمين أعداء الدين... ذهب إيلا بلا رجعة، وعند الله تجتمع الخصوم.
  • من الولاة الذين وضعوا بصمتهم فتحدث إنجازهم نيابةً عنهم، وكان شامخاً عرفته الأجيال جيلاً بعد جيل... حتى اليوم لم تُضف طوبة فوق إنجاز د. إيلا، وظللنا نستمتع نحن بذلك الإنجاز حتى يومنا هذا... إيلا الذي بدّل التخلف بالحضارة، فكانت ناقلات المياه الصالحة للشرب بديلاً للدواب ووسخها الذي كان يملأ الطرقات وشوارع الأسفلت وسخاً و(اتساخاً)... دفع إيلا لكل صاحب حصانٍ وحمارٍ بالملايين لتوفير البديل له، لم يطلب منه ذلك منعاً بالقانون وقوته، بل عمل بروح القانون لا بنصوص مواده، فكان القبول بالرضا وطيب الخاطر، فنجح المخطط.
  • الحديث اليوم صعب أن يأتي بتفاصيله عن إيلا في بورتسودان التي جعلها جوهرة على ضفاف البحر الأحمر، وحين أحبه البشير حاربه الفاشلون في “كورال الرئيس”... ولن يُجدي الحديث في مثل هذا اليوم عن إبداعه في الجزيرة، الذي سعى فيه لتوسعة شارع الموت “الخرطوم – مدني” لأكثر من مسار في اتجاه واحد بجودة عالية، فقاطعته شلة أعداء النجاح، فقالوا له: لن تنشئ طريقاً قومياً بإيرادات الولاية المحلية... تبّاً لهم، لم يدروا أن الوطن كل أجزائه لنا وطن. للأسف هذه العينات حتى اليوم موجودة، تصارع للتقرب من الرئيس، ولكن البرهان يلعب بهم ويركلهم ركلات الكرة على قدم “رونالدو”.
  • مات د. إيلا، وشيّعته جماهير السودان جميعها، وليس أهله في البحر وحدهم... لأنه يستحق التكريم حيّاً وميتاً... رحم الله الدكتور الجليل طيب الذكر محمد طاهر إيلا رحمةً واسعة، وأدخله برحمته الجنة آمين، وجعل البركة في أهله وذريته آمين.

(إن قدر لنا نعود)

 

0 التعليقات:

أضف تعليقك

آخر الأخبار